طموح حاكم قطر لقيادة الأمة العربية

أتدرون ما الذي يدور في خلد الرئيس المصري "حسني مبارك" عندما تنشط الدبلوماسية القطرية للعب دور وسيط بين أطراف ما أو لتفعيل قضية ما، ما يحدث هو أن يوسوس الشيطان لمبارك فيقول له "..الجماعة الصغيرين دول عاوزين يلعبو دور أكثر منهم...ذا بعدهم ...لخبط الطرابيزة عليهم يا مبارك "... وهي نفس الأفكار التي تدور في رؤوس آل سعود الخاوية فالمملكة دولة وازنة يقول الشيطان ولها سلطة روحية لا مثيل لها من جاوة شرقا حتى طنجة غربا فأي أنشطة أميرية خارج دويلة قطر تقلق طويل العمر و مبارك، ويحط من قيمتهم وشأنهم، ورحم الله عبدا علم قدره.

أثبت الواقع أن كل من فكر من القيادات العربية في لعب دور ريادي لقيادة هذا القطيع يكون مصيره الهاوية وفي عبدالناصر وصدام لآية لقوم يتفكرون، قد يقول حكام الدوحة أنه لا قياس مع وجود الفارق، فصدام وعبدالناصر أرادا رمي إسرائيل في البحر و تخليد اسميهما كبطلين ورمزين للأمة العربية، فما لنا وعبدالناصر، كل ما نفعله نحن في قطر هو توظيف إمكاناتنا قدر المستطاع لإيجاد حل سلمي يقبله إخواننا الفلسطينيون، وكل ما ننشده هو الأمن و الاستقرار بلبنان وسائر المنطقة..

لكن، ماذا لو وظفت إمكانيات قطر المبذولة للتنمية البشرية والمشاريع المربحة في بلدان كثيرة تنعدم فيها أسباب العيش الكريم؟؟ ففي السودان يمكن لأثرياء قطر شراء وكراء ملايين الأفدنة واستزراعها لتنبت لنا من قثائها و فولها و عدسها و بصلها، و يمكنهم تشغيل طوابير العاطلين بأم درمان و بحر الغزال ودارفور...، و في الصومال يمكن للملياردير القطري والخليجي إنشاء قرى سياحية على طول السواحل و جعلها سياحة على مدار العام ونكون قد قطعنا الطريق على من يفكر في قرصنة السفن وتهديد التجارة العالمية، ونفس الشيء يمكن فعله في الأردن و اليمن و مصر، أما و قد أقحمت قطر أنفها في الصراع العربي الإسرائيلي وفي قضايا العروبة فلن تحقق أية نتيجة و ستكون قد أهدرت مقدراتها في رهان خاسر وسوف يردد أمير قطر نفس العبارة، نعم نفس العبارة التي رددها في مؤتمره حسبي الله و نعم الوكيل وسيذرف دموع الحسرة...

بالرغم من التصريح للرسمي لحكام قطر أنهم يعملون من اجل استقرار المنطقة و إيجاد حل دائم و شامل للصراع العربي الإسرائيلي إلا أن نبرة العربونازية ما زالت تطغى على كلام آل ثاني ، فمن أهدى لصدام حسين طائرة مدنية غير أمراء آل ثاني؟؟ من ذهب ليواسي و يشد من عضد السكير عدي صدام عندما تعرض لمحاولة اغتيال غير النظام القطري ؟؟ من أثنى على الرئيس اللبناني ميشيل سليمان عندما ألقى كلمته بديار حمد بن خليفة غير أمير قطر المنتخي لشرف الأمة، ونوه بالمقاومة التي دحرت إسرائيل على حد قوله و بدور سليمان على رأس المؤسسة العسكرية ؟؟ فنبرة العربومانية واضحة إذن على خطابات حكام قطر.

في بداية الخمسينيات من القرن الماضي حمل عبدالناصر لواء العروبة ونادى برمي إسرائيل في البحر فهتفت له القطعان المدجنة من الماء إلى الماء، فكان هذا سبب خراب مصر وما زالت تداعيات عنتريات البكباشي عبدالناصر يدفع ثمنها الشعب المصري إلى يومنا هذا، ونفس الشيء حدث لفارس العرب صدام حسين الذي قامر بأرواح العراقيين في سبيل دور قيادي واكتساب الزعامة فحل الخراب و اليباب بشعب أوتي من الثروات الشيء الكثير، و في سوريا البعث حمل الأسد ابن الأسد لواء العروبة فحول البلاد لسجن كبير وفي ليبيا أهدر مجنون طرابلس طاقات الشعب الليبي فحول ليبيا إلى مجتمع فوضوي، إنها لعنة العروبة كما سماها أحد قياديي الحركة القبطية الأستاذ مدحت قلادة في إحدى مقالاته...

لمن يريد لعب دور قيادي و حمل اللواء نقول له إياك ثم إياك فكل من يفكر في هذا سيجلب المصائب له ولشعبه فحري بشعوب المنطقة عرب ومصريين وأمازيغ وعبرانيـيـن و كرد وسودانيون... التفكير في إطار يضمن لشعوبهم قدرا من الحياة الكريمة ومناخا للخلق والإبداع وتنمية بلداننا بعيدا عن الترهات الفارغة، علينا الانخراط في المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي لكي نجعل من الصحراء مشاتل للزهور عوض ملئها بالألغام والمتفجرات هذا سيكون حسن في عين الرب كما تقول التوراة ...

ثم لماذا لا تجربوا قيادة دولة إسرائيل للمنطقة؟؟ وسترون كيف ستتغير أوضاع شعوبكم سترتفع القدرة الشرائية للمواطن وستنحصر الأمية وستختفي الأمراض و سوء التغذية وسيتقن الكردي و العربي والمصري اللغة العبرية، نعم سنتكلمها بسلاسة، فلنتعلم ثقافة الانفتاح ولنرضى بمن يستحق الريادة، نعم الريادة الهادفة والمنتجة، فالاستفادة من تجارب و قدرات الغير ليس عيبا أو نقيصة بل العيب أن نبقى حبيسي هلاوس النصوص الصفراء وأحاديث شجر الغرقد و الحجر الناطق وقدوم سيد الحضرة ليزلزل الأرض من تحت أقدام اليهود.

شعوبنا في حاجة لمن يأهلها و يثقفها و يؤنسنها لكي تتعلم قبول الآخر وتنخرط في المنظومة الإنسانية وليست بحاجة إلى القائد الخالد الذي يهيجها و يدغدغها بشعارات خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود.